فصل: فَصْل فِي الْغَضَبِ وَالتَّحْذِيرِ مِنْه:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موارد الظمآن لدروس الزمان



.فصل في دواء الكبر:

ولا يتم التواضع بعد المعرفة إلا بالْعَمَل، ولذَلِكَ أمر الْعَرَب الَّذِينَ تكبروا عَلَى الله ورسوله بالإيمان وبالصَّلاة جميعاً، وقيل الصَّلاة عماد الدين، وفِي الصَّلاة أسرار لأجلها كانت عماد الدين، ومن جملتها ما فيها من التواضع بالمثول قائماً وبالركوع والسجود، قال حكيم بن حزام: بايعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أن لا آخر قائماً، فبايعه صلى الله عليه وسلم ثُمَّ فقه وكمل إيمانه بعد ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ السجود عندهم هُوَ منتهي الذلة والضعة أمروا به لتنكسر بذَلِكَ خيلاؤهم، ويزول كبرهم، ويستقر التواضع فِي قُلُوبهمْ، وبه أمر سائر الخلق، فإن الركوع والسجود والمثول قائما هُوَ الَّذِي يقتضيه التواضع فكَذَلِكَ من عرف نَفْسهُ، فينظر كُلّ ما يتقاضاه الكبر من الأفعال فليواظب عَلَى نقيضه، حتي يصير التواضع لَهُ خلقاً، فإن القُلُوب لا تتخلق بالأخلاق المحمودة إلا بالعلم والعمل.
إِذَا المَرْءُ لم يَحْفَظْ ثَلاَثاً فَخَلّهِ ** وَرَى الظَّهْرِ وَاصْحَبْ طَالِباً لِلسَّلاَمَةِ

فَأْوَّلُهَا الإخْلاَصُ للهِ وَحْدَهُ ** وَثَانِيْهَا تَابِعْ مَنْ أَتَى بِالرِّسَالَة

وَثَالِثُهَا جَنِّبْ هُدِيْتَ تَكَبُراً ** لِتَسْلَمَ مِنْ نَّارِ الجَحِيْمِ العَظِيْمَة

ومن كَانَ يعتريه الكبر من جهة النسب، فليداو قَلْبهُ بأمرين أولاً: أن هَذَا جهل من حيث أنه تقوي وتعزز بكمال غيره وإنما يحصل لَهُ بكماله.
قال الشاعر:
لَعَمْرُكَ مَا الإنسان إلا ابْنُ يَوْمِهِ ** عَلَى مَا تَجَلَّى يَوْمَهُ لاَ ابْنُ أَمْسِهِ

وَمَا الفَخْرُ بِالعَظْمِ الرَّمِيْمِ وَإِنَّمَا ** فِخَارُ الَّذِي يَبْغِي الفِخَارَ بِنَفْسِه

وَقَالَ آخر فيمن افتخر بآبائه ذوي الشرف مَعَ رداءته فِي نَفْسهُ:
لَئِنْ فَخَرْتَ بِآبَاءٍ ذَوِي شَرَفٍ ** لَقَدْ صَدَقْتَ وَلَكِنْ بِئْسَ مَا وَلَدُوْا

آخر:
وَإِذَا افْتَخَرْتَ بِأَعْظَمٍ مَقْبُورَةٍ ** فَالنَّاسُ بَيْنَ مُكَذِبٍ وَمُصَدِقِ

فَاقِمْ لِنَفْسِكَ بِانْتِسَابِكَ شَاهِداً ** بِحَدِيْثِ مَجْدٍ لِلْقَدِيْمِ مُحَقِّقِ

آخر:
إِذَا المَرْءُ لم تَسْتَأنِفْ المَجْدَ نَفْسُهُ ** فَلاَ خَيْرَ فِي مَا أَوْرَثَتْهُ جُدُوْدُهُ

آخر:
وَمَا يُجْدِي افْتِخَارُكَ بِالاوَالِي ** إِذَا لم تَفْتَخِرْ فَخْراً جَدِيْداً

الثاني أن يعرف نسبه الحقيقي، فيعرف أباه وجده فإن أباه القريب نطفة قذرة، وجده الْبَعِيد تراب ذليل، وقَدْ عرفه الله تعالى نسبه فَقَالَ جل علا: {الَّذِي أحسن كُلّ شَيْء وبدأ خلق الإنسان من طين * ثُمَّ جعل نسله منن سلالة من ماء مهين} فمن أصله التُّرَاب المهين الَّذِي يداس بالأقدام ثُمَّ خمر طينه حتي صار حمأً مسنوناً كيف يتكبر؟
عَجِبْتُ مِنُ مُعْجَبٍ بِصُوْرَتِهِ ** وَكَانَ بِالأمْسِ نُطْفَةٌ مَذِرَةْ

وَفِي غَدٍ بَعْدَ حُسْنِ طَلَعَتِهِ ** يَصْيِرُ فِي اللَّحْدِ جِيْفَةً قَذِرَةْ

وَهُوَ عَلَى تِيْهِهِ وَنَخْوَتِهِ ** مَا بَيْنَ جَنْيْهِ يَحْمِلُ العَذِرَهْ

آخر:
إِذَا كَبُرَتْ نَفْسُ الفَتَى قَلَّ عَقْلُهُ ** وَأَمْسَى وَأْضْحَى سَاخِطاً مُتَعَتِّبَا

وَإِنْ جَاءَ يَسْتَقْضِي مِنَ النَّاسِ حَاجَةٌ ** يَرَى أَنَّهَا حَقٌ عَلَيْهمْ مُرَتَّبَا

وَإِنْ طَالَبُوهُ أَوْ أَبَوْهُ بِحَقْهِمْ ** لَوَى وَجْهَهُ غَيْظَاً عَلَيْهِمْ وَقَطَّبَا

يَرَى أَنَّ كُلَّ النَّاسِ قَدْ خُلِقُوا لَهُ ** عَبِيْداً وَفِي كُلِّ القُلُوبِ مُحَبَّبَا

فَلاَ يَرْتَضِي إِنْ لم يَكُنْ تَحْتَ أَمْرِهِ ** مِنَ الكَوْنِ يَجْرِي مَا أَرَادَ وَمَا أَبَى

وَاللهُ أَعْلم وصلى الله عَلَى مُحَمَّد وآله وصحبه وسلم.
فصل:
وإن كَانَ التكبر بالجمال فدواؤه أن ينظر إلي باطنه نظر العقلاء، ولا ينظر إلي الظاهر نظر البهائم، ومهما نظر إلي باطنه رأي من القبائح ما يكدر عَلَيْهِ تعززه بالجمال، فإن الأقذار فِي جَمِيع أجزائه، فالرجيع فِي أمعائه، والبول فِي مثانته والمخاط فِي أنفه، والبزاق فِي فمه، والوسخ فِي أذنيه، والدم فِي عروقه، والصديد تحت بشرته والصنان تحت إبطه، يغسل الغائط بيده كُلّ يوم مرتين أو ثلاثاً ليخرج من باطنه ما لَوْ عاينه لاستقذره، فضلاً عن أن يمسه أو يشمه، فهل يليق بمن هذه حآله الكبر والتعاظم. كلا ما يليق به إلا التواضع للذي أوجده.
وفِي أول أمره خلق من النطفة وفِي بطن أمه يتغذي بدم الحيض، وأخرج من مجري البول مرتين، قال طاووس لعمر بن عَبْد الْعَزِيز – قبل توليه الخلافة وزهده فِي الدُّنْيَا –: ما هذه مشية من فِي بطنه خراء، إذ رآه يتبخر، فإِذَا نظر إلي أنه خلق من ماء مهين، وأسكن فِي أقذار، وسيموت فيصير جيفة لم يفتخر بجمآله الَّذِي هُوَ كخضراء الدمن، كيف ولَوْ كَانَ جمآله باقياً، وجسمه عن هذه الأشْيَاءِ خَالِيًا، لكَانَ يجب عَلَيْهِ أن لا يتكبر، ويعلم أن هَذَا عرضة للزَوَال بمرض أو حرق أو قرحة أو برص أو تشويه، فمعرفة هَذَا تماماً تنزع بإذن الله من الْقَلْب داء الكبر والعجب لمن أكثر تأملها.
لَيْسَ الكَرِيْمُ الَّذِي إِنْ نَالَ مَكْرُمَةً ** أَوْ نَالَ مَالاً عَلَى إِخْوَانِهِ تَاهَا

الحُرُيَرْ دَادُ لِلإِخْوَانِ مَرْحَمَةً ** إِنْ نَالَ فَضْلاً مِنَ الرَحْمَنِ أوجَاهَا

وإن كَانَ التكبر بالقوة فالعلاج أن يعلم أن القوة لله جميعاً ويعلم ما سلط عَلَيْهِ من العلل والأمراض، وأنه لَوْ أصابه عود يسير ودخل فِي لحمه لأقلق راحته، وأقض مضجعه ولَوْ وجع أصبع أو عرق من عروق بدنه لتألم وصار أعجز من كُلّ عاجز، وأذل من كُلّ ذليل، وأن البعوضة والجرثومة الدقيقة إِذَا سلطت عَلَيْهِ أهلكته وإن حمي ساعة تحلل من بدنه ما لا ينجبر بالمدة الكثيرة، قال الشاعر:
وَلاَ تَمْشِيْ فَوْقَ الأرض إلا تَوَاضُعاً ** فَكم تَحْتَهَا قَوْمٌ هُمُو مِنْكَ أَرْفَعُ

وَإِنْ كُنْتَ فِي عِزٍّ رَفِيع وَمِنْعَةٍ ** فَكم مَاتَ مِنْ قَوْمٍ هُمُوا مِنْكَ أَمْنَعُ

فمن كَانَ هذه حاله فلا يليق به الكبر، ثُمَّ من البهائم ما هُوَ أقوي بكثير منه، وأي افتخار وتعاظم فِي صفة يسبقه فيها الحمار. والبغل والثور والفيل.
وإن كَانَ التكبر بالْمَال فبأن يعرف ويعلم أنه عرض زائل، وفِي معناه التكبر بكثرة الأتباع والأنصار، ويُقَالُ لها كثرة الشعبية، وكَذَلِكَ التكبر بولاية السلاطين والأمراء، وكل ذَلِكَ تكبر بأمر خارجي أي خارج عن ذات الإنسان وهَذَا أقبح أنواع الكبر، فإن المتكبر بماله أو عقاره لَوْ ذهب ماله أو انهدم عقاره أو تلف لعاد فِي لحظة ذليلاً من أذل الخلق وكل متكبر بأمر خارج عن ذاته من أجهل الخلق، كيف والمتكبر بالْمَال لَوْ تأمل لرأي فِي إليهود والنصاري وغيرهم من الكفرة من يزيد عَلَيْهِ فِي الْمَال والتجمل والثروة، فأف لشرف يسبقك به يهودي ونحوه، ويأخذه سارق أو نحوه فِي لحظة، فيعود صاحبه ذليلاً حقيراً مفلساً.
وإن كَانَ الكبر بالعلم- وَهُوَ أعظم الآفات، وأغلب الأدواء وأبعدها عن قبول العلاج إلا بشدة شديدة، ولذَلِكَ قال عمر رَضِيَ اللهُ عنهُ: العَالم إِذَا زل بزلته عَالم فيعجز العَالم أن لا يستعظم نَفْسهُ بالإضافة إلي الجاهل، لكثرة ما نطق به الشرع من فضائل العلم وأهله – فَلابُدَّ للعَالم من معرفة أمرين: أحدهما أن يعلم أن حجة الله عَلَى أَهْل العلم آكد، وأنه يحتمل من الجاهل ما لا يحتمل من العَالم، قال الله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} فإن من عصي الله عَلَى علم ومعرفة أعظم جناية ممن عصي الله عَلَى جهل، لأن العَالم لم يقض حق نعمة الله عَلَيْهِ ولذَلِكَ قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «يجَاءَ بالرجل يوم القيامة فيلقى فِي النار فتندلق أقتابه فيدور بِهَا كما يدور الحمار فِي الرحي فيجتمَعَ إليه أَهْل النار، فيقولون: يا فلان ما لك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهي عن الْمُنْكَر فَيَقُولُ بلي كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهي عن الْمُنْكَر وآتيه» رواه البخاري ومسلم. فإِذَا تفكر فيما أمامه من الخطر العَظِيم وعلم ما كَانَ عَلَيْهِ السَّلَف الصالح الصحابة فمن بعدهم من التواضع والخوف مِمَّا أمامهم من الأهوال والكربات والشدائد، امتنع بإذن الله من الكبر، فقَدْ كَانَ بعض الصحابة يَقُولُ: ليتني لم تلدني أمي، وَيَقُولُ الآخر ليتني شجرة تعضد ويأخذ الاخر تبنة وَيَقُولُ: يا ليتني كنت هذه التبنة، وَيَقُولُ الآخر: ليتني كنت طيراً أوكل، وَيَقُولُ الآخر: ليتني لم أكن شيئاً مذكوراً.
لاَ يُدْرِكُ العَلْيَا عَلَى التَّحْقِيْقِ ** إلا مَنِ اسْتَقَامَ فِي الطَّرِيْقِ

وَجَنَّبَ الِّتلْفَازِ وَالمِذْيَاعَ ** وَكُورَةً وَسَائِرَ المَلاَهِي

وَأَحْسَنُ أَخْلاَقِ الفَتَى وَأَجَلُّهَا ** تَوَاضُعُهُ لِلنَّاسِ وَهُوَ رَفِيعُ

وَأْقْبَحُ شَيْءٍ أَنْ يَرَى المَرْءُ نَفْسَهُ ** رَفِي عاً وَعِنْدَ العَالَمِيْنَ وَضِيْعُ

الثاني: أن العَالم يعرف أن الكبر لا يليق إلا بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِي {إلَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ السميع البصير} وأنه إِذَا تكبر صار ممقوتاً عِنْدَ الله بغيضاً، وقَدْ أحب الله منه أن يتواضع، وأن يفكر فِي خطر الخاتمة، فكم من إنسان مزدري محتقر لكفره أو فسقه فتح الله عَلَيْهِ باب التوبة والإنابة، فأقبل عَلَى الله فسعد بذَلِكَ وشهد لَهُ بالْجَنَّة كعمر رَضِيَ اللهُ عنهُ، وبالعكس فكم من إنسان عمل بعمل أَهْل الْجَنَّة زمناً طويلاً وفِي آخر الأمر عمل بعمل أَهْل النار فيدخلها كثعلبة وبلعام ونحوهما ممن ارتد عن الإسلام وفِي حديث ابن مسعود قوله صلى الله عليه وسلم: «إن أحدكم ليعمل بعمل أَهْل الْجَنَّة حتي ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عَلَيْهِ اْلكِتَاب فيعمل بعمل أَهْل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أَهْل النار حتي ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عَلَيْهِ اْلكِتَاب فيعمل بعمل أَهْل الْجَنَّة فيدخلها» متفق عليه.
فمهما بلغ المرء من العلم والتقي والورع والزهد فهو فِي خطر من سوء الخاتمة التي عَلَيْهَا المدار، فبملاحظتها يتلاشي الكبر بإذن الله.
ومن أضر ما عَلَى كثير من عِلماء هَذَا الزمان الشهادات الحالية التي يسمونها دكتوراه وماجستير وعالمية وبكالوريوس ونحو ذَلِكَ لأن من حصل عَلَيْهَا رآي من لم يحصل عَلَيْهَا بعين الاحتقار والامتهان والازدراء ومَعَ ذَلِكَ فهي عِنْدَ بَعْضهمْ مضعفة للتوكل عَلَى الله من قبل الرزق يؤيد ذَلِكَ ما يجري عَلَى ألسنة كثير مِنْهُمْ بقولهم لمن لم يحصل عَلَيْهَا أمن حياتك أحصل عَلَى شهادة. ونسوا قول الله تعالى: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا}، وقوله: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} وقوله: {وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}. وكثير من أولئك أهملوا التوكل عَلَى الله وتوكلوا عَلَى الشهادة المذكورة.
سَعَى رِجَالٌ لِنَيْلِ الرِزْقِ واجْتَهَدُوْا ** لاَبُدَّ مِنْ سَبَبٍ للّرِزْقِ فِي الطْلَبِ

حُسْنُ الدُّعَاءِ مَفَاتِيْحُ الغِنَى وَعَلَى ** رَبِّ العِبَادِ إِجَابَاتُ المَطَالِيْب

أَتَطْلُبُ رِزْقَ اللهِ مِنْ عِنْدَ غَيْرِهِ ** وَتُصْبِحُ منْ خَوْفِ العَوَاقِبِ آمِنَا

وَتَرْضَى بِصَرَّافٍ وَإِنْ كَانَ مُشّرِكاً ** ضَمِيْناً وَلاَ تَرْضَى بِرَبِكَ ضَامِنَا

كَأَنَّكَ لم تقَرَأَ بِمَا فِي كِتَابِهِ ** فَأَصْبِحْتَ مَنْحُولَ اليَقِيْنِ مُبَايِنَا

يشير إلي قول الله تعالى: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا}، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ}.
ومن أمعن نظره فِي النَّاس وسبرهم وَجَدَ ذَلِكَ بكثرة، ووَجَدَ عندهم من الطغيان والأبهة والكبر الشَيْء الكثير، يظهر ذَلِكَ عَلَى ألسنتهم وهيئاتهم نسأل الله العصمة لنا ولإخواننا المُسْلِمِيْنَ.
بَاتُوا عَلَى قُلَلِ الاجْبَالِ تَحْرِسُهُمْ ** غُلْبُ الرِّجَالِ فَلم تَنْفَعْهُمْ القُلَلُ

واسْتُنْزِلُوا بَعْدَ عِزٍ عن مَعَاقِلِهِمْ ** إِلى مَقَابِرِهِمْ يَا بِئْسَ مَا نَزَلُوْا

نَادَاهُمْ صَارِخٌ مِنْ بَعْدَمَا دُفِنُوا ** أَيْنَ الاسِرَّةُ وَالتِيْجَانُ وَالحُلَلُ

أَيْنَ الوُجُوهُ الَّتِي كاَنَتْ مُحَجَّبَةً ** مِنْ دُوْنِهَا تُضْرَبُ الاسْتَارُ وَالكِلَلُ

فَأَفْصَحَ القَبْرُ عنهُمْ حِيْنَ سَاءَلَهُمْ ** تِلْكَ الوُجُوهُ عَلَيْهَا الدُوْدُ يَقْتَتِلُ

قَدْ طَالَمَا أَكَلُوا فِيهٍا وَمَا شَرِبُوا ** فَأَصْبَحُوا بَعْدَ طُوْلِ الأكْلِ قَدْ أُكِلُوْا

وَطَالَمَا كَنَزُوا الأموال وادَّخَرُوا ** فَخَلَّفُوهَا عَلَى الأعْدْاءِ وَارْتَحَلُوْا

وَطَالَمَا شَيَّدُوا دُوْراً لِتُحْصِنَهُمْ ** فَفَارَقُوا الدُوْرَ والأهْلِيْنَ وانْتَقَلُوْا

أَضْحَتْ مَسَاكِنُهُمْ وَحْشاً مُعَطَّلَةً ** وَسَاكِنُوهَا إِلى الأجْدَاثِ قَدْ رَحَلُوا

سَلِ الْخَلِيفَةَ إِذْ وَافَتْ مَنِيَّتُهُ ** أَيْنَ الجُنُوْدُ وَأَيْنَ الخَيْلُ وَالخَوَلُ

أَيْنَ الكُنُوزَ الَّتِي كَانَتْ مَفَاتِحُهَا ** تَنُوْءُ بِالعُصْبَةِ المُقْوِيْنَ لَوْ حَمَلُوْا

أَيْنَ العَبِيْدُ الَّتِي أَرْصَدْتَهُمْ عُدَداً ** أَيْنَ الحَدِيْدُ وَأَيْنَ البِيْضُ وَالأسَلُ

أَيْنَ الفَوَارِسُ وَالغِلْمَانُ مَا صَنَعُوا ** أَيْنَ الصَوَارِمُ وَالخِطِّيَةُ الذُبُلُ

أَيْنَ الكُمَاةُ أَلم يَكْفُوا خَلِيْفَتَهُمْ ** لَمَّا رَأْوْهُ صَرِيْعاً وَهُوَ يَبْتَهِلُ

أَيْنَ الكَمَاةُ الَّتِي مَاجُوا لِمَا غَضِبُوا ** أَيْنَ الحُمَاةُ الَّتِي تُحْمَى بِهَا الدُوَلُ

أَيْنَ الرُمَاةُ أَلم تَمْنَعْ بِأّسْهُمِهِمْ ** لَمَّا أَتَتْكَ سِهَامُ المَوْتِ تَنْتَصِلُ

هَيْهَاتَ مَا كَشَفُوا ضَيْماً وَلاَ دَفَعُوْا ** عنكَ المَنِيَّةَ إِذْ وَافَى بِكَ الأجَلُ

وَلاَ الرُّشَى دَفَعَتْهَا عنكَ لَوْ بَذَلُوْا ** وَلاَ الرُّقَى نَفَعَتْ فِيها وَلاَ الحِيَلُ

مَا سَاعَدُوّكَ وَلاَ وَاسَاكَ أَقْرَبُهُمْ ** بَلْ سَلَّمُوكَ لَهَا يَا قُبْحَ مَا فَعَلُوْا

مَا بَالُ قَبْرِكَ لاَ يَأْتِي بِهِ أَحَدٌ ** وَلاَ يَدُوْرُ بِهِ مِنْ بَيْنِهِمْ رَجُلُ

مَا بَالُ ذِكْرِكَ مَنْسِياً وَمُطْرَحاً ** وَكُلُهُمُ بِاقْتِسَامِ الْمَالِ قَدْ شُغِلُوْا

مَا بَالُ قَصْرِكَ وَحْشاً لاَ أَنِيْسَ بِهِ ** يَغْشَاكَ مِنْ كَنَفَيِهِ الرَوْعُ والوَهَلُ

لاَ تُنْكِرَنَّ فَمَا دَامَتْ عَلَى مَلِكٍ ** إلا أَنَاخَ عَلَيْهِ المَوْتِ والوَجَلُ

وَكَيْفَ يَرّجُو دَوَامَ العَيْشِ مُتَّصِلاً ** وَرُوْحُهُ بِجِبَالِ المَوْتِ مُتَّصِلُ

وجِسْمُهُ لِبُنَيَّاتِ الرَّدَى غَرَضٌ ** وَمَالُهُ زَائِلٌ عنهُ ومُنْتَقِلُ

اللَّهُمَّ امنن عَلَيْنَا بإصلاح عيوبنا واجعل التقوي زادنا وفِي دينك اجتهادنا وعَلَيْكَ توكلنا واعتمادنا اللَّهُمَّ ثبتنا عَلَى نهج الاستقامة وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَجَمِيع المُسْلِمِيْنَ بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وصلى الله عَلَى مُحَمَّد وآله وصحبه أجمعين.

.فَصْل فِي الْغَضَبِ وَالتَّحْذِيرِ مِنْه:

اعْلم وفقنا الله وَإِيَّاكَ وَجَمِيع المُسْلِمِيْنَ وجنبنا وَإِيَّاكَ وإياهم كُلّ خلق رذيل: أن مِمَّا يتأكد اجتنابه فِي رمضان وفِي غيره الْغَضَب إلا أن تنتهك محارم الله فيغضب لما يغضب الله ويملك نَفْسهُ فيما عدا ذَلِكَ إلا أن يبغي عَلَيْهِ وتعريف الْغَضَب أنه قوة أودعها الله فِي الإنسان تثور من باطنه فتحمله عَلَى الدفاع عما يحبه من الأغراض وتدفعه إلي البطش بكل ما يؤذيه فإِذَا اعتدي عَلَيْهِ معتد أو حيل بينه وبين أغراضه تثور تلك القوة فيغلي دمه وينتشر فِي العروق ويرتفع إلي أعالي البدن فيظهر أثره عَلَى الوجه والعينين.
والْغَضَب من مداخل الشيطان إلي قلب الإنسان فإن الْغَضَب غول العقل وإِذَا ضعف جند العقل هجم جند الشيطان ومهما غضب الإنسان لعب الشيطان به كما يلعب الصبية بالكرة.
وللغضب ثلاث درجات: أولاً درجة الاعتدال وَذَلِكَ بأن يغضب ليدفع عن دينه أو نَفْسهِ أو ماله أو يغضب ليدافع عن الحقوق العامة ونصرة المظلومين وتلك الحالة هِيَ التي من أجلها خلق الله الْغَضَب فهو مخلوق لحكمة ولولا أن الله جعل ذَلِكَ فِي الإنسان لفسدت الأرض بانتشار الفوضي وتقويض دعائم النظم الاجتماعية والدينية لأن من لا يغضب لعرضه لا يغار لنسائه فتختلط الإنساب وتعم الفوضي فِي ذَلِكَ الْبَاب ويصبح الإنسان كالحيوانات التي يسطو بعضها عَلَى بعض بدون غيرة ولا حمية ولا معرفة لما يترتب عَلَى ذَلِكَ من التناسل الَّذِي به حياة النوع الإنساني وبقاء العمران إلي الاجل الَّذِي قدره الله لَهُ فِي ذَلِكَ الوجود.
ومن لا يغضب لنفسه فإنه يكون معرضاً للزَوَال من هَذَا الوجود أو معرضاً لأن يسخره غيره كما تسخر الدواب التي لا تغضب لنفسها.
ومن لا يغضب لمآله فإنه لا يلبث أن يسلبه النَّاس منه ويصبح فقيراً معدماً وإِذَا فشي سلب الْمَال فإن نظام الْعَمَل يتعطل وتبطل الأعمال التجارية والصناعية والزراعية ويعتمد النَّاس عَلَى سلب بَعْضهمْ بعضا.
ومن لا يغضب لدينه فإنه فِي الغالب لا يستقر عَلَى دين لأن اختلاف طبائع النَّاس واختلاف أنظارهم من أكبر البواعث عَلَى اختلاف معتقداتهم فمن لا يغار عَلَى دينه يكون عرضة لتقليد القوي فِي كُلّ ما يراه فينتقل من دين إلي دين.
وهكَذَا فخلق الله الْغَضَب ليحمي النَّاس بَعْضهمْ بعضاً فيستقر النظام ويقف كُلّ واحد عِنْدَ الحد الَّذِي قدر الله لَهُ فِيه ذه الحياة قال الله تعالى: {وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ}. وَقَالَ تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً}.
وللغضب أسباب كثيرة تختلف باختلاف أحوال النَّاس وطبائعهم واستعدادهم للتأثر بالأشْيَاءِ فنذكر طرفاً منها ليجتنبِهَا الإنسان، فمنها الجدال والمزح والسخرية بِالنَّاسِ نعوذ بِاللهِ والاستهزاء بِهُمْ وإطلاق اللسان في السب واللعن والغيبة ومن ذَلِكَ الكبر والعجب لأن المتكبر المعجب بنفسه يتأثر كُلَّما فاته ما يعتقَدْ أنه ينافِي عظمته وخيلاءه فإِذَا طالبه أحد بحق اهتاج غضبه وهكَذَا إِذَا نهي عن رذيلة لأنه من سخافة عقله يعتقَدْ أنه كامل من كُلّ وجه فلا يصح لأحد عنده أن يأمره أو ينهاه أو يقف فِي سبيله أو يتقدم عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الواقع ناقص من كُلّ وجه ويحاول أن يجبر نقصه بكبريائه وعظمته وَهُوَ مغرور.
وَمَنْ جَهِلَتْ نَفْسُهُ قَدْرَهُ ** رَأَى غَيْرُهُ مِنْهُ مَا لاَ يَرَى

ومن أسباب الْغَضَب مصاحبة الاشْرَار الَّذِينَ لا يفرقون بين الممدوح والمذموم من الْغَضَب فيحسبون التهور والطيش شجاعة ويعدون طغيان الْغَضَب الموجب للظلم رجولة ويتبجحون بذَلِكَ فَيَقُولُ الواحد مِنْهُمْ: أَنَا الَّذِي لا أصبر عَلَى مكروه، ولا عَلَى مكر ولا أحتمل من أحد أمراً، ومعناه حَقِيقَة: لا عقل فِي ولا حلم يذكر فِي معرض الفخر بالجهل فإِذَا سمعه الجاهل رسخ فِي ذهنه حسن الْغَضَب وحب التشبه بالقوم فيقوي به الْغَضَب، ومهما اشتدت نار الْغَضَب وقوي اضطرامها أعمت صاحبِهَا وأصمته عن كُلّ موعظة فإِذَا وعظ لم يسمَعَ بل زاده ذَلِكَ غضباً وإِذَا استنار بنور عقله وراجع نَفْسهُ لم يقدر إِذَا ينطفئ نور العقل وينمحي فِي الحال بدخان الْغَضَب والعياذ بالله.
فإن معدن الفكر الدماغ ويتصاعد عِنْدَ شدة الْغَضَب من غليان دم الْقَلْب دخان مظلم إلي الدماغ يستولي عَلَى معادن الفكر وَرُبَّمَا يتعدي إلي معادن الحس فتظلم عينه وتسود عَلَيْهِ الدُّنْيَا ويكون دماغه عَلَى مثال كهف اضطرمت فِيه النار فاسود جوه وحمي مستقره وامتلأت بالدخان جوانبه وكان فِيه سراج فانمحي أو انطفأ فلا تثَبِّتْ فِيه قدم ولا يسمَعَ فِيه كلام ولا يري فِيه صورة ولا يقدر عَلَى إطفائه لا من داخل ولا من خارج بل ينبغي أن يصبر إلي أن يحترق جَمِيع ما يقبل الاحتراق فكَذَلِكَ يفعل الْغَضَب فِي الْقَلْب والدماغ، وَرُبَّمَا تقوي نار الْغَضَب فتفني الرطوبة التي فيها حياة الْقَلْب فيموت صاحبه غيظاً كما تقوي النار فِي الغار فيتفكك وتهدم أعإليه عَلَى أسفله وَذَلِكَ لأبطال النار ما فِي جوانبه من القوة الممسكة الجامعة لأجزائه فهكَذَا حال الْقَلْب عِنْدَ الْغَضَب نسأل الله العافية والسلامة.
وبالحَقِيقَة فالسَّفِي نَة فِي متلاطم الأمواج عِنْدَ اضطراب الرياح فِي لجة البحر أحسن حالاً وأرجي سلامة من النفس المضطربة غيظاً إذ فِي السَّفِي نَة من يحتال ويتسبب لتسكينها وتدبيرها وينظر لها ويسوسها بإذن الله وأما الْقَلْب فهو صَاحِب السَّفِي نَة وقَدْ سقطت حيلته إذ أعماه الْغَضَب وأصمه انتهي.
ومن أسباب الْغَضَب: فوات اللذات والشهوات من مطعم ومشرب ومسكن ونحو ذَلِكَ لكن إن كانت هذه الأشْيَاءِ مملوكة لَهُ وحيل بينه وبينها، فإن كَانَ بدون مبرر شرعي فله أن يغضب حتي يسترده ويكون فِيه ذه الحالة لَيْسَ مذموماً ثُمَّ إن كَانَ الَّذِي فاته ضرورياً لَهُ كَانَ الْغَضَب واجباً من أجله وإن كَانَ كمالياً كَانَ الْغَضَب من أجله جائزاً وإن كَانَ حراماً عَلَيْهِ أو غَيْرَ مملوك لَهُ كَانَ الْغَضَب مذموماً.
لاَ تَغْضَبَنَّ عَلَى امْرِئٍ ** لَكَ مَانِعٌ مَا فِي يَدَيِهِ

واغْضَبْ عَلَى الطَّمِعَ الَّذِي ** اسْتَدْعَاكَ تَطْلُبُ مَا لَدَيِه

ومن أسباب الْغَضَب: الوشايات والنمائم فمن النَّاس من يغضب لمجرد وشاية نقُلْتُ إليه عن بعض النَّاس أو لمجرد نميمة بلغته من نمام بدون أن يتثَبِّتْ فِي الأمر فيعتدي عَلَى الأبرياء بإزالتهم عن أعمالهم، أو نقلهم عنهَا إلي محلات لا يرغبونها، أو يتسبب لقطع ما هُوَ ماش لهُمْ من أرزاق أو يؤذيهم فِي أبدأنهم أو يقدح فِي أعراضهم أو ينشز الزوجة أو بالعكس بأن ينشز الزوج إلي غَيْرَ ذَلِكَ من الجرائم التي تترتب عَلَى الْغَضَب وَرُبَّمَا كانت الكلمة التي نقُلْتُ إليه عَلَى فرض صدورها لا تساوي شيئاً من غضبه، وَذَلِكَ شر ما يترتب عَلَى الْغَضَب من الظلم فعَلَى من كانت نَفْسهُ تتأثر بمثل ذَلِكَ أن يعالجها بالتثَبِّتْ حتي إِذَا تأكد من صدق ما نقل إليه كَانَ لَهُ الحق فِي أن يدفع عن نَفْسهُ بقدر ما أصابه بدون بغي ولا عدوان والعفو فِي مثل هذه الحالِ أفضل خصوصاً إِذَا أنكر المنقول عنهُ ما نسب إليه فإن الإنكار اعتذار يستوجب الرأفة والرحمة وبالتالي فمن نظر الدُّنْيَا بعين البصيرة والاعتبار هان عَلَيْهِ كُلّ شَيْء وسامح أخاه المسلم وقبل ميسور عذره واحتسب الاجَر عِنْدَ الله والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
سَكَنْتُكَ يَا دَارَ الفَنَاءِ مُصَدِّقاً ** بِأَنِّي إِلى دَارِ البَقَاءِ أَصِيْرُ

وَأَعْظَمُ مَا فِي الأمر أَنِّي صَائِرٌ ** إِلى عَادِلٍ فِي الحُكْمِ لَيْسَ يَجُوْرُ

فَيَا لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ أَلْقَاهُ عِنْدَهَا ** وَزَادِي قَلِيْلٌ والذُّنُوبُ كَثِيْرُ

فَإِنْ أكُ مُجْزِياً بِذَنْبِي فَإِنَّنِي ** بِشَرِّ عِقَابِ المُذْنِبِيْنَ جَدِيْرُ

وَإِنْ يَكُ عَفْوٌ ثُمَّ عني وَرَحْمَةٌ ** فَثُمَّ نَعِيْمٌ دَائِمٌ وَسُرُوْرُ

اللَّهُمَّ جد عَلَيْنَا بكرمك، وأفض عَلَيْنَا من نعمك، وتغمدنا بِرَحْمَتِكَ وعاملنا برأفتك ووفقنا لخدمتك وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِيْنَ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وصلى الله عَلَى مُحَمَّد وعَلَى آله وصحبه أجمعين.